قصة
ومضى الثامن عشر من ديسمبر، اليوم العالمي للغة العربية. أدينا واجبنا، ورفعنا العتب، وذررنا الرماد في العيون، ودبّجنا الكلام ثناءً على لغتنا العربية وفخرا بها، ثم عدنا إلى حياتنا الواقعية! عُدنا نُكبِر في نفوسنا لغاتِ قوم آخرين، عدنا نتعمد دسّ كلمات أجنبية في كلامنا توسلا إلى الوجاهة. أما من لديهم أبناء منا، فما فتئوا يلحقونهم بالمدارس الأجنبية كي يض منوا لهم مستقبلا طيبا، بل يزيد بعضهم في بره ويحرص على أن يحدث أبناءه في البيت بالإنكليزية، كي يترعرع الناشئ وقد أخذ بزمام اللغة التي ستقوده إلى الأعالي حينما يكبر. نحن اليوم أمام أجيال تُنشّأ على اللغة الأجنبية لغةً أولى بحسبانها ضمانا لمستقبلها، وهذا تفكير نابع من حب الوالدِين لأبنائهم. سيقول قائل: "وماذا علينا إذ جعلنا لغات قوم آخرين لغتنا الأولى؟ سنقطع شوطا كبيرا، ونلحق بأمم متقدمة، ونكون مثلها." خطأ! سبقنا إلى هذا أمم أخرى وشعوب، ولم يتقدموا. بل صاروا تابعين، ذائبين. صاروا دائرين في هوامش حضارة أخرى، ولم يصيروا جزءا أصيلا منها، ولن. وإذا أردتم دليلا، ابحثوا في الإنترنت مثلا أسماء الدول الإفريقية التي اختارت الفرنسية لغة رسمية ل...